في الحكاية .. أن رجلا كان عنده حمار طيب وصبور وحمول يجر عربة كارو، كل يوم يزيد حمولة العربة أكثر والحمار يسير منهكا، وكل يوم يستيقظ الحمار متوقعا حمولة أكثر، وعندما يزداد الثقل فأقصي ما كان يفعله هو نهيق متألم، ثم يكمل طريقه وصاحب العربة يزيد الحمولة والحمار ينهق في ألم ويكمل الطريق.
وفي يوم سقط الحمار منهارا.
لم يهتم صاحب الحمار، فكل أحماله التي أرادها قد وصلت، وباع واشتري وبني بيوتا وكون ثروة.
ويبدو أن الحمير في بلدنا تعاني الأمرين دون رحمة أو شفقة، تتحمل ما لا لبشر أو حيوان طاقة به.. وفين يوجعك.
هناك من أصبح في الزمن المُختلف حماراً دون أن يدري، يمارس عادات وسلوك الحمار. يقفل فمه أمام العصا ويحمل أثقاله ويمضي مطأطيء الرأس عبر طريقٍ اعتاد المرور بها.. وإن كانت شاقّة.
فمن يا تُرى يحسد الحمار على شيخوخته المضنية وقد بلغ من العُمر عتيا مناضلاً في الحياة والعيش فيها بلا كرامة.. في فوضى سوق كبيرة تزدحم بجماهير الحمير، بعضها تحمل الملح، وبعضها تحمل الرمل، وبعضها تحمل الخردة، وبعضها تحمل الشعير النقي تشتمُّ رائحته في الشمس، ولاتنال منه غرفة كفّ.
إن الصبر غير الجميل الذي مُني به الحمار في حياة الشقاء ونال منه .. هو ما جعله فريسة للضِباع كُلّما ابتعد في الخلاء عن مالكه أو عشيرته والقطيع.
فالضبع من عادته لا يفترس سوى الحمار الهزيل الذي لا حول له ولا قوة. تماما .. مثل الإنسان الهزيل أمام السُّلطة الماكرة يدفعه طغيانها، فيسقط إلى الأرض باكياً حزيناً وعاجزاً عن الوقوف والصراخ في وجه الظلم. وهو ذات العجز الذي أوقع الحمار إلى الأرض وجعله يتمرّغ ثم ينظر إلى السماء بعينين تائهتين.
ارحموا حمير الأرض.. يرحمكم من في السماء!
-------------------------
بقلم: خالد حمزة
khaledhamza27@yahoo.com